
كلمة السيد محمد ولد الرشيد رئيس مجلس المستشارين خلال حفل تسليم جائزة الصحافة البرلمانية لسنة 2025
السيد رئيس مجلس النواب المحترم،
السيدات والسادة أعضاء لجنة التحكيم المحترمون،
السيدات والسادة الإعلاميون المحترمون،
حضرات الحضور الكرام،
يسعدني، باسم مجلس المستشارين، أن أرحب بكم جميعا في هذا الحفل الخاص بتسليم جائزة الصحافة البرلمانية لسنة 2025، والذي ينظمه البرلمان بمجلسيه، لأول مرة تحت إشراف مشترك، وذلك في سياق الاهتمام والتقدير الخاص والعناية المستحقة التي نوليها للصحافة الوطنية ومؤسساتها الإعلامية.
إن التنظيم المشترك لهذه الجائزة البرلمانية يأتي ثمرة لتفكير مشترك بيني وبين أخي وصديقي رئيس مجلس النواب، انطلاقا من قناعة راسخة لدى المؤسستين، بضرورة تحويل هذه الجائزة إلى مبادرة برلمانية مشتركة تعكس انخراط المجلسين في تكريس الاعتراف المؤسسي بجهود الصحافة الوطنية، وتُترجم قناعتنا بأن العمل الصحفي المهني رافعة أساسية من روافع الديمقراطية وتعزيز الثقة في المؤسسات.
وانطلاقا من هذا التصور، يأتي انخراط مجلس المستشارين في هذه الجائزة، ليس فقط كشريك تنظيمي، بل كمؤسسة مقتنعة بأن الصحافة البرلمانية الجادة تستحق التقدير والتحفيز، وأن الصحافيين المختصين في الشأن البرلماني، التشريعي والرقابي والتقييمي والدبلوماسي وحتى ما يرتبط بالمؤسسة ونخبتها، يعتبرون فاعلين أساسيين في تنظيم النقاش العمومي وتوجيهه، وفي تقريب البرلمان من الرأي العام.
وتجسيدا لهذا التوجه المشترك، كان لي شرف الإشراف، إلى جانب أخي وصديقي رئيس مجلس النواب، على تنصيب لجنة تحكيم جائزة الصحافة البرلمانية لهذه الدورة، والتي تضم نخبة من الإعلاميين المغاربة المشهود لهم بالكفاءة والمهنية والنزاهة الفكرية داخل الساحة الإعلامية والثقافية الوطنية. وقد باشرت اللجنة، بكل استقلالية وتجرد، مهامها في دراسة الترشيحات المتوصل بها، وفق المعايير المعتمدة والمقتضيات التنظيمية المؤطرة لهذه الجائزة.
وإذا كانت هذه الجائزة تروم، في جوهرها، تثمين الجهد المهني للإعلاميات والإعلاميين الذين واكبوا العمل البرلماني بتخصص والتزام، فإن هذا اللقاء يتجاوز بعده الاحتفائي ليعبر عن تقدير مؤسسي عميق من طرف مجلسي البرلمان لدور الصحافة الوطنية في إغناء النقاش العمومي، وفي ترسيخ الحضور الديمقراطي للمؤسسة البرلمانية ضمن الفضاء العمومي، باعتبار الإعلام فاعلا محوريا في إعادة تشكيل العلاقة بين المواطن والمؤسسة.
ولئن كنا نثمن عاليا هذا الدور، فإننا ندرك في الآن ذاته حجم التحديات التي بات يواجهها الإعلام في عصر التحول الرقمي، وتسارع وتيرة التطورات التكنولوجية، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي وما يتيحه من إمكانات غير مسبوقة في سرعة إنتاج وتداول الأخبار.
وهي تحولات تفتح آفاقا واعدة، لكنها تطرح أيضا مخاطر حقيقية تتعلق بالتضليل الإعلامي، وانتشار الأخبار الزائفة، وفقدان التمييز بين المعلومة والتحوير، خاصة حين تغيب الضوابط المهنية ويختل منسوب المسؤولية.
ولذلك، فإننا نؤكد حرصنا الدائم على تعزيز أواصر الشراكة والتعاون مع الجسم الإعلامي الوطني ومؤسساته الجادة، من أجل التعريف بالأدوار التي يضطلع بها البرلمان بمجلسيه، والمساهمة في إشاعة قيم المواطنة الواعية، وترسيخ ثقافة الديمقراطية التمثيلية، بما يخدم الصالح العام ويعزز الثقة في المؤسسات.
حضرات السيدات والسادة
إن هذه الجائزة، تجسد في تصورنا المشترك، إحدى الآليات المؤسسية الداعمة لترسيخ صحافة برلمانية رصينة، تقوم على التخصص والالتزام، وتواكب مختلف وظائف السلطة التشريعية، كما تندرج ضمن المساعي الرامية إلى إشاعة الوعي السياسي وتعزيز ثقافة المواطنة، وفتح فضاءات دائمة للحوار المسؤول بين البرلمان ومكونات الجسم الإعلامي الوطني، وذلك في إطار احترام تام للضمانات الدستورية المؤطرة لحرية الصحافة واستقلالية الرأي والتعبير.
في هذا السياق، نعرب عن تطلعنا إلى مواصلة تطوير "جائزة الصحافة البرلمانية" خلال الدورات المقبلة، بما يعزز حضورها كمبادرة مؤسساتية منتظمة، ويُتيح إبراز خصوصيات البرلمان بغرفتيه، وعلاقته المتقدمة بالحقل الإعلامي الوطني، في أفق ترسيخ شراكة متجددة بين المؤسستين التشريعية والإعلامية.
و أقترح في هذا الصدد، على أخي وزميلي، السيد رئيس مجلس النواب، أن نعمل معا على دراسة إمكانية تنظيم دورات تكوينية مشتركة لفائدة الصحفيات والصحفيين المهتمين بالشأن البرلماني، بشراكة مع الهيئات المهنية المختصة، وذلك دعما لمسار التخصص في الصحافة البرلمانية، وتوطيدا لأواصر التعاون المؤسساتي مع الجسم الإعلامي الوطني.
السيدات والسادة،
إذ نعبر عن بالغ تقديرنا لجميع الإعلاميات والإعلاميين الذين شاركوا في هذه الدورة، سواء ممن نالوا التتويج أو من لم تتح لهم فرصة التميز هذه المرة، فإننا نجدد التأكيد على التزامنا الجماعي بمواصلة دعم المبادرات الرامية إلى توطيد العلاقة بين البرلمان والصحافة الوطنية، في إطار شراكة مؤسساتية وازنة، تخدم المصلحة العامة، وتعزز الثقة المتبادلة، والتفاعل الإيجابي مع الرأي العام.
وفي الختام، لا يفوتني أن أتوجه بجزيل الشكر إلى السيدات والسادة أعضاء لجنة التحكيم، على ما أبانوا عنه من تجرد وموضوعية وحياد، في الاضطلاع بمسؤولية تقييم الأعمال الصحفية المشاركة، ولجميع الأطر الإدارية والشركاء الذين ساهموا في إنجاح هذه الدورة.
وأجدد الشكر لكافة الإعلاميات والإعلاميين، بدوام التألق والعطاء والمثابرة، في أداء رسالتهم النبيلة، خدمة لقيم الحرية، والشفافية، والديمقراطية التمثيلية.
وفقكم الله جميعا لما فيه خير وطننا ومؤسساته الديمقراطية، وشكرا على حسن إصغائكم